الحركة الكشفية هي حركة تربوية للشباب والفتية ذات طابع تطوعي غير سياسي مفتوحة للجميع من دون تمييز للجنس أو اللون أو العقيدة تهدف إلى المساهمة في تنمية مهارات الفتية والشباب عقليا وروحيا واجتماعيا وبدنيا بما يكفل خلق قيادات تتسلم الراية والمناصب في المجتمع مستقبلا محليا وإقليميا وعالميا. وتعتمد الحركة الكشفية على القيام بالواجب تجاه الله ثم الوطن، والقيام بالواجب تجاه الناس والنفس، والعمل بقانون المرشدين والكشافة الذي يكفل تحقيق الأهداف المرجوة من الحركة.
بدأت الحركة الكشفية في إنجلترا سنة 1907م، أسسها اللورد روبرت ستيفن ستان بادن باور (الشهير بالورد ب)
وذلك لمساعدة الجيش الإنجليزي في الحرب العالمية الأولى، بدأ تكوين فرق من المتطوعين لمساعدة الجيش على نقل المؤن والإسعافات الأولية ومساعدة المدنيين
وفي سنة 1941 بدأت ليدي بادن باور وهي أخت المؤسس في التطوع هي ورفيقتها بالاشتراك في هذه
المساعدات.
وفي العام نفسه بدأت الكشافة في العالم العربي في مصر سنة 1941م ، ولحقتها المرشدات بعد 11 عاما، تحديدا العام 1952م.
وفي العام 1966م عقد أول مؤتمر عربي للمرشدات كان في ليبيا، وكان ينعقد كل سنتين، والدول المسجلة في المكتب العربي للمرشدات بعضوية كاملة هي الأردن، البحرين، الجزائر، السودان، العراق، الكويت، المغرب، اليمن، تونس، الإمارات، سورية سلطنة عمان، فلسطين، لبنان، ليبيا، مصر.
وتعتبر دولة البحرين من أول البلدان العربية التي بدأت فيها الحركة الكشفية فتأسيسها يرجع إلى العام 1927 عندما أنشئت فرقة كشفية بمدرسة (الغربية سابقا) أبو بكر الصديق (حاليا) ثم امتدت إلى مدينة المحرق بمدرسة الهداية الخليفية فبعض المدارس في العام 1963 تقريبا. إلا أن الحركة الكشفية لم تستمر طويلا وذلك لعودة قادتها إلى أوطانهم إذ كانوا مدرسين
من بعض الدول العربية.
ويعتبر مطلع الخمسينات فترة تاريخية رسخت فيها قواعد الحركة الكشفية في البحرين وذلك عندما قررت وزارة التربية والتعليم إعادة الحركة الكشفية على أسس وقواعد ثابتة فعهدت بتنظيمها والإشراف عليها إلى مراقبة التربية البدنية بوزارة التربية والتعليم اذ تم تشكيل فرقة القادة لإعداد القادة وكانوا من المدرسين في مختلف المدارس أوكلت إليهم قيادة الفرق الكشفية التي شكلت في المنامة والمحرق والحد ثم امتدت إلى بعض مناطق البحرين فانتشرت الكشفية انتشاراً واسعاً ولاقت إقبالاً كبيراً من الكشافة وأولياء الأمور.
وقد حظيت الحركة الكشفية من قبل القيادات العليا في البلاد ومن المسئولين بوزارة التربية والتعليم باهتمام بالغ مما أعطاها ازدهاراً ونموا من خلال الدراسات وإقامة المخيمات والمهرجانات وتقديم المشروعات المختلفة - ما غرس في النفوس حب العمل والثقة بالنفس وتحمل المسئولية وحب الوطن.
وفي العام 1986م صدر المرسوم الأميري في الثالث من شهر أكتوبر/ تشرين الأول 1986م بشأن (قانون جمعية كشافة البحرين) وفي تلك الفترة تم الاعتراف بها على المستوى العربي وأصبحت عضوا مسجلا في المكتب الكشفي العربي، وفي السابع من شهر أغسطس/ آب 1970 تم الاعتراف بها دوليا وسجلت عضوا كامل العضوية في المكتب العالمي وكانت مشاركتها الأولى ولأول مرة هي مشاركتها في المؤتمر الكشفي العالمي الثالث والعشرين الذي عقد في طوكيو في اليابان.
ومن هذا التقديم يتضح ما لهذه الحركة من أهمية وخصوصا في مجتمعاتنا النامية، فالعمل التطوعي المتمثل في الحركة الكشفية مهم ويتصل بجوانب اجتماعية تربوية وتنموية كثيرة. إن الحركة تؤسس للجيل القادم، وتعمل بخطط طويلة الأجل لخلق قيادات تتسلم الراية والمناصب في المستقبل، سادّة بذلك النقص الذي يحدث لمخرجات التعليم المدرسي والتي تعاني قصورا واضحا في بناء الشخصية والفكر. ولقد كان لمرشدات البحرين وكشافتها صولات وجولات وبصمات واضحة الأثر منذ اكثر من خمسين عاما، لكنها في الآونة الأخيرة تراجعت بشكل اقلق منتسبيها والقائمين عليها، بل وحتى أولياء الأمور الذين لمسوا انعكاساتها الطيبة على أبنائهم وبناتهم. فيا ترى ما الأسباب التي أدت إلى هذا التدهور الواضح؟
لقد اتجهنا إلى وزارة التربية لنضع النقاط على الحروف، إلا أن المسئولين هناك أخبرونا بأن الوزارة تقاطع الصحيفة ولا تتعامل معها. لذلك توجهنا إلى القائدات العريقات بالحركة، وأردنا أن نستوضح الصورة منهن، فقالت قائدة فرقة الروضة الابتدائية للبنات حصة مبارك: «فعلاً تعاني الحركة الإرشادية في البحرين ضعفا كبيرا أراه وأقيّمه من خلال خبرتي في هذا المجال لأكثر من 26 عاما. لقد كان للحركة دور كبير وواضح في مختلف الأنشطة والفعاليات على مختلف الأصعدة السياسية والاجتماعية والتربوية. لكن للأسف لم تعد الأمور كالسابق، وعلى رغم أن القائدات مازلن يعطين الحركة الكثير، لكن هذا الجيل الجديد ينظر إلى الحركة على أنها رحلات ومتعة وترفيه من دون رغبة حقيقة في تحمل المسئولية. إن الحركة قائمة على الجيل الشاب سواء كانوا فتيانا أم فتيات، فإذا ما أقبلوا على الحركة للتملص من الدراسة أو لقضاء وقت اكبر خارج المنزل، فلن يكونوا أبدا مرشدين وكشافة حقيقيين. الحركة الكشفية تعني أن تفعل ما بوسعك لتترجم كل مبادئها في شخصك وأفعالك ومبادئك التي تعتنقها». وأكدت مبارك حاجة الحركة الحقيقية إلى شباب واع وإلى قدر فعلي من تحمّل المسئولية.
لربما تختلف الأجيال تباعا مع تغير الظروف والنظرة إلى الأمور المحيطة بالأفراد، لكن المبادئ السامية التي تقوم عليها الحركة الكشفية باقية باعتبارها مبادئ صالحة لكل زمان، وسلما ترتقي به النفس البشرية. ولحركتنا الكشفية البحرينية تاريخ ذهبي، فهل لنا أن نجعله أكثر إشراقاً تحت أشعة شمس التقدم الحضاري؟ السؤال موجه إلى وزارة التربية القائمة علىالحركة الكشفية في البحرين وعلى كل شاب وشابة يملكون من الطاقة ما يؤهلهم لصنع المعجزات.
ومن ذكريات المدارس في الخمسينيات والستينيات والسبعينات من القرن الماضي يأتي المخيم الكشفي المركزي لكشافة البحرين – وإن كنا لم نمر بهذه التجربة في حياتنا لعدم وجود الفرق الكشفية في مدرسة الزلاق حتى السبعينيات من القرن الماضي – إلا أننا من خلال موقع الزلاق المحاذي للبحر من جهة والبر من جهة أخرى تكون المنطقة قبلة للمخيمات الكشفية المتعددة في مدارس البحرين، ومنها عرفنا الكشافة ومخيماتها، وكون منطقة سافرة قريبة من الزلاق وعلى الشارع المؤدي إلى الرفاع الغربي كنا نستمتع برؤية الكشافة ومخيماتها بمنطقة سافرة حيث كان أول مخيم كشفي عام 1961م أو منطقة الصخير (روضة الصخير)، وإن منطقة سافرة تأتي بعد منحدر الرفاع الغربي وقبل مدينة العوالي، حيث الأرض المسطحة والمستوية ذات الطابع الصخري يكسوها العشب الأخضر الربيعي وخاصة في منطقة الربيع حيث تسقط الأمطار قبل فصل الربيع (الوسم)، وقد اتخذته وزارة التربية والتعليم (المعارف سابقًا) في تلك العقود مكانًا لتخييم الكشافة السنوي، حيث تشارك جميع الفرق الكشفية من مدارس البحرين، وهذا المخيم عادة ما يُفتح من قبل وزير التربية والتعليم (وزير المعارف سابقًا)
ويحضر في هذا الافتتاح جميع مسؤولي التربية بالإضافة إلى زوار من خارج البحرين متخصصين في الكشافة، وتمتد فترة هذا المخيم من بداية عطلة الربيع أي العطلة السنوية للمدارس إلى قرب نهايتها، وعادة ما تجذب أنشطة الكشافة الرياضية والمسرحية والعروض الزوار في الفترة المسائية، كما يحضرون حتى السمر في الليل، وعندها يتحول المخيم إلى نوع من الكرنفالات، وقد يشارك أحيانًا في هذا المخيم طلبة من المدارس الخاصة القريبة من المخيم من مثل مدرسة العوالي، حيث يقوم طلبتها بزيارة المخيم الكشفي للمشاركة والاطلاع على الأنشطة المختلفة وتبادل الإشارات والأوسمة والهدايا، وعادة ما تخرج من هذا المخيم جولات برية في المنطقة المحيطة للاطلاع والاستكشاف وجميع العينات من الصخور والأصداف وغيرها، وقد كان هذا التخييم من السنن الحميدة التي تقوم بها وزارة التربية والتعليم في المنطقة لعدة سنوات.
والجدير بالذكر أن هذه المخيمات يحضرها الوزراء المعنيين وتُخصص للوزير خيمة خاصة به إذا أراد الحضور، كما يحضرها قادة الكشافة من وزارة التربية والتعليم يوميًا أمثال الأستاذ سيف جبر المسلم رحمه الله والأستاذ محمد صالح عبدالرزاق القحطاني والأستاذ حسين شرفي والأستاذ سلمان ماجد الدلال. وفي سياق الحديث عن المخيم الكشفي لا بد أن نشيد بدور القادة الأوائل الذين ارتقوا بهذا المخيم وأوصلوه إلى العربية والعالمية أمثال الأستاذ سيف جبر المسلم رحمه الله، الأستاذ محمد صالح عبدالرزاق القحطاني، الأستاذ حسين شرفي، وغيرهم من القادة الأوائل الذي لا يسع المقام لذكرهم ولهم منا كل الشكر والتقدير. وقد مرّت أجيال القادة عبر السنين نذكر منهم على سبيل المثال الأستاذ صبري حمد جابر، الأستاذ محمد سلمان كمال، الأستاذ عتيق سعد، الأستاذ عبداللطيف جناحي، الأستاذ جاسم الكعبي، الأستاذ أحمد جناحي رحمه الله، الأستاذ راشد سوار رحمه الله، الأستاذ كمال سلمان كمال رحمه الله، الأستاذ عبدالرحمن الشوملي الأستاذ ابراهيم صالح البلوشي . الأستاذ عبد الرزاق الكوهجي، الأستاذ عبدالله عبدالعزيز الذوادي، الأستاذ أحمد الخاجة، والأستاذ محمد رباح رحمه الله وغيرهم من
القادة. ومن المناطق التي أُقيم المخيم الكشفي فيها منطقة الحنينية ومنطقة العمر وغيرها، وإلى ذاكرة أخرى.








